نِـهـايـةُ طَـيْـرٍ شُـجـاعٍ.. بقلم الشاعرة.. هنادي عفانة.
نِـهـايـةُ طَـيْـرٍ شُـجـاعٍ
كُنْتُ قديماً ...
أتجوَّلُ بينَ خرائِطِ الحُبِّ و الهَوى
طائِرَ فِينيقٍ
يرسُمُ بريشِ جَناحَيْهِ بِلاداً
بألوانِ الصَّوتِ و المدى
كُنْتُ قديماً ...
أبحَثُ عنْ عُشٍّ فيهِ هُوِيَّةُ وطنٍ و مأوىً
أتنقَّلُ بينَ أشجارِهِ الخَضْراءِ
أتنفَّسُ نَهاراً
و أسافِرُ في ليلِ عيونِ الغِيابِ
أرى سيِّدةً لمْ يأتِ على وصفِها شاعِرٌ إغريقيٌّ
أو عاشقٌ أعجميٌّ عِشْقاً لا يَفْنى
وحدَهُ اللهُ أدركَها
وصفَها وَصيفةً لِلأرض و روى :
لمْ يأتِها قَبيلٌ
بعَريقِ المساكِنِ و المَدائِنِ أو القُرى
تُنازِعُ ذُكورَ الأرضِ على هَوامِشِها
فاعترى الشَّقاءُ الفَرَسَ
و نالوا جوائِزَ الرَّدى
كلُّ فَريقٍ بسِهامِ عُيونِهِ
دارَها ناظِرٌ مُتربِّصٌ و رمى
نازلَ فُرسانُ السَّلاجِقةِ أشجارَها و قمحَها
فسقَطَ الوردُ شَهيداً على الثَّرى
كانَ فتى حُلُمي شاهِداً كوصعِ الأرضِ مُدافِعاً
فمُنِيْتُ و لمْ أسقُطْ سُدىً
لمْ ترَ عُيونُها ليلاً فيهِ نومٌ
يَكِيدُ لها نَهاراً يُكفكِفُ دَمْعاً بكى
و كأنَّها ابنةُ الكَرْمةِ يُعتِّقُ حُزْنَها
بقلبٍ بيزنطيٍّ ثامِلاً بأقداحٍ سكرى
كيفَ لا .. كيفَ لا .. ؟!
و قدْ نامَ الزَّرعُ على صدرِها حِيناً
فنما الشَّهيدُ صَبيَّاً بروحِ النَّوى
كيفَ لا .. كيفَ لا .. ؟!
و قدْ مرَّ حُلُمٌ عربيٌّ على عُيونِ مائِها
طالبَ السُّقيةَ فردَّ دمعَها ...
سقاهُ فارتوى
كيف لا .. كيف لا ..؟!
و قدْ صلَّى بمِحرابِ قِبلَتِها الأُولى سُفَراءُ السَّماءِ
تبلَّلَتْ رسائِلُهُمْ بدُموعِ النَّدى
كيفَ لا.. كيف لا ..؟!
و سماؤُها خَيمةٌ زَرْقاءُ يَحُجُّ إليها الأحرارُ
تفُجُّ الأرضُ صوتَهُمْ .. أتى ..
كيف لا .. كيف لا ..؟!
و على حَوْضِها تراتيلُ ثورةِ الإنجيلِ
نَسَقُها آياتُ قُرآنِ الهُدى
كيفَ لا .. كيفَ لا .. ؟!
يُمزِّقونَ ألواحَ الأعرابِ بساحاتِها
فهُمْ بأسوارِها أوَّلُ مَنْ بطش
و أوَّلُ مَنْ وشى
كيفَ لا .. و كيفَ لا ..؟!
و القُدْسُ وَصِيفةُ الأنبياءِ و السِّنينَ العازِباتِ
بنارِ العُنوسةِ دَلَّالُهُمْ منْ قبلُ اكتوى
كيفَ لا .. ؟!
و قدْ لامسَتِ الشَّمسُ جِلْدَها
ترتدي مُروجُها رَبيعاً
و الصَّخرُ بفرحتِهِ اكتسى
كيفَ لا .. ؟!
و الحَياةُ بها أقامَتْ خِيامَها
على أعمدةِ أقلامِ شُعَراءِ الحُبِّ و الجَوى
كيفَ لا .. ؟!
و قدْ هَجَا حَرُّ أنفاسِها الطُّولونيِّينَ و الرُّومانَ
فعَادوا بآذاهُمْ منْ حيثُ بدا
كيفَ لا .. ؟!
و قدْ فَتَقَتِ اللُّغاتُ لسانَها على بَيْدائِها
فنطقَ بها مُوسى مُحدِّثاً ربَّهُ بوادي الطُّوى
كيفَ لا .. كيفَ لا ... ؟!
و فِلسطِينُ وَريثةُ اللّٰهِ في الأرض
(١٠/٢١/٢٠٢٣ هنادي عفانة)بكُتُبِهِ و رُسُلِهِ و كلِّ لُغاتِهِ الفُصحى ...
تعليقات
إرسال تعليق