الندم/بقلم الكاتبة /هبا طرابلسية.

 الندم 


إنه اليوم الأول من شهر رمضان الكريم.

وقد سرت العادة أن يجتمع الأبناء بصحبة أسرهم لقضاء

اليوم الأول من الشهر المبارك في منزل العائلة الكبير عند الجد والجدة.

ريم في السابعة من عمرها جميلة مؤدبة وخلوقة.

ذهبت بصبحة أسرتها لزيارة أهل والدها وقضاء اليوم بأكمله عندهم كما جرت العادة السنويّة.

إنما هذه السنة يوجد إختلاف عن ما سبقها من سنين.

إنه اليوم الأول الذي تصوم فيه ريم.

كأي طفل في العائلة عندما يبلغ السابعة من عمره وجب عليه الصيام.

خرجت ريم وأخواتها وأولاد عماتها وأعمامها يلعبون في الساحة الكبيرة في الحي الذي فيه بيت جدها.

ريثما تحضر أمهاتهم مائدة الإفطار.

بينما كانت ريم تلعب مع أترابها نادت عليها بنت الجيران

التي تكبرها بثلاث سنوات و سألتها..

_هل أنت صائمة هذا العام؟

_نعم و الحمد لله وإني سعيدة جداً لأني أشعر أنني أصبحت كبيرة و أستطيع تحمل مشقة الجوع و العطش.

هزّت بنت الجيران رأسها بطريقة تنم على أن كلام ريم لم يعجبها.

تركتها ريم و عادت لمتابعة اللعب مع أترابها.

بعد العصر عادت بنت الجيران وسألت ريم..

_ألم تشعري بالعطش؟

هناك منزل فيه صنبور ماء عذب بارد و لذيذ تعالي نشرب منه دون أن يرانا أحد.

رفضت ريم الفكرة قائلةً: سأوبخ على عدم صبري.

سحبتها ابنة الجيران من يدها قائلةً: لن يرانا أحد. وأعدك أني لن أخبر أحداً بهذا.

تعالي هيا.. لننعم بطعم الماء العذب ونروي عطشنا.

استسلمت ريم للفكرة و شربت حتى ارتوت.

و قبل أن يحين موعد آذان المغرب عاد الأطفال للمنزل 

غسلوا أيديهم و وجوههم ثم تحلقوا حول المائدة الكبيرة التي عليها أصناف كثيرة من أطايب الطعام والشراب.

وقف الجد أمام الجميع وطلب من ريم أن تحضر وتقف بجانبه.

سلّمها هديّة كبيرة و قبلها مهنئاً ومباركاً صيامها وطلب من الجميع التصفيق لها.

انفجرت ريم باكيةً بشكلٍ لم يفهمه أحد.

اعتقد الجميع أنها تبكي فرحاً، لكنها كانت تبكي بشدّة و حرقة ندماً على فعلتها، لقد كذبت بادعائها الصيام و جبُنت من قول الحقيقة وإخبارهم أنها شربت الماء.

أمضت ريم عدة ليالٍ تبكي في سريرها حتى كانت تسمعها أختها الكبيرة فسألتها عن سبب هذا البكاء في كل ليلة.

أخبرت ريم أختها بما حدث و أقسمت أنها نادمة أشد الندم و لا تعرف ماذا تفعل؟

احتضنتها أختها الكبيرة قائلةً: جميعنا نخطئ المهم أن نعترف بالخطأ ونندم عليه ولا نكرره ثانيةً.

مسحت ريم دموعها و وعدت أختها بعدم تكرار فعلتها

و بعدم الإصغاء لمن يريد لها الخطأ.


هبا_طرابلسية_سورية



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من يكتب لي صدر/بقلم الشاعر /محمود حفظ الله.

عجائب الدنيا /بقلم الكاتبة/دينا مصطفى.

كوكبة الشهداء/بقلم الكاتب /مايك سلمان.