بعض الضغوطات/بقلم الكاتبة /دينا مصطفى.

 بعض الضغوطات تتعبنا نفسيًا وتأخذنا إلى عالم لا يملأه سوى الاكتئاب والحزن.


في يوم استيقظت متعبة كالعادة وذهبت إلى طبيبي النفسي. نعم، فأنا أتعالج نفسيًا. لا أعلم لِمَ ؟، ولكن هذه الحياة لم تمنحني السعادة والراحة يومًا. عندما دخلت عليه، رحب بي كأنني فرد من عائلته. لا أعرف ما خطبه، لكن لا بأس، لعله يغير من نفسيتي قليلاً. قال لي: "هيا يا أميرة، نامي واسترخي." انصعت له ونمت وأغمضت عيني. قال لي: "أريد منكِ أن تحكي لي كل ما ضايقك من طفولتك حتى الآن."

عادت بي ذاكرتي وأنا في دراستي، كان عمري عشر سنوات. قلت له:  

_ أبي كان يضربني بسبب أخي الصغير لكي يرضيه، والعجيب أنه كان يغمز لي بعينيه اليمنى.  

رد بتعجب وقال:  

_ هذا ما يزعجك؟  

_ نعم، يزعجني وكثيرًا.  

_ "والله، شكلي أنا من يريد أن يتعالج نفسيًا". أكملي كلامك.  

_ عندما وصلت إلى سن الثالث عشرة من عمري، أحببت شخصًا أراه ولكن لا أقدر على الاقتراب منه.  

رد عليَّ بتعجب وقال:  

_ قلتِ كم عمرك؟  

_ 13.  

لا أعلم لماذا كان مذهولًا؟ ، ولكن سألني:  

_ لِم لا تقدرين على الاقتراب منه؟  

_ لأنني كنت أشاهده في التلفاز.  

_ يا الله، صبرني على هذا العمل.. أكملي.  

عشت أيامًا صعبة، تخيل أن ترى شخصًا تحبه من بعيد ولا تقدر على التحدث معه، إنه شعور صعب حقًا.

بعد مرور سنوات، أصبحت في سن الثامن عشرة، وتعرفت على مجموعة من الفتيات، واحدة منهن كانت تغار مني كثيراً.  

_ لماذا تغار؟  

_ لأنني أجمل منها.  

_ وهذا ستضيفيه في قائمة الاكتئاب لديكِ.  

_ نعم، لأنها كانت تزعجني.  

_ أظن أنكِ يجب أن تفرحي ولا تحزني، فهذا يدل على أنكِ فتاة جميلة، وكل ما حولك يغار من ذلك.  

_ لا أحب أن أكون أفضل من أحد، ما يحزنني أنها شعرت بالنقص، كنت أتمنى أن أساعدها لكنها لا تقبلني أصلًا.  

_ تعرفين، لأول مرة أشعر أنني أحادث فتاة عاقلة، أحسنتِ.  

_ هل تسخر مني؟ هل تظن أنني مجنونة؟  

_ لا، لم أقل هذا.  

_ وما كان قصدك؟  

_ يا الله، لن ننتهي.  

_ ماذا؟  

_ أكملي. 

وصلت إلى المرحلة النهائية من دراستي، دخلت الجامعة وكانت بالنسبة لي أجمل أيام حياتي. كنت أذاكر ليلَ نهار . في يوم أتى إلينا دكتور جديد كان جميلًا جدًا، كل فتيات الجامعة كانوا يحبونه، ولكنه كان متزوجًا. في يوم طلبني إلى مكتبه، ذهبت إليه، فقال لي: كيف حالك؟ قلت له: بخير، أحمد الله. كان ينظر إليّ بنظرة وترتني، فسألني قائلاً: هل أنتِ مرتبطة أم متزوجة؟ قلت له: لا أبدًا. قال لي: هل تقبلين الزواج مني؟ عندما سمعت تلك الكلمات شلّ لساني وكأن أحدهم ضربني على رأسي. تمتمت بتوتر وقلت له: أعتذر منك، فأنا لا أقبل برجل متزوج. قال لي: هذا آخر ما لديك؟ قلت له: نعم، آخر ما لدي. رد بغضب وقال: اذهبي ولكن احذري. قلت له: ما قصدك؟ ابتسم بخبث وقال: لِم الاستعجال؟ اتركي كل شيء يأتي في وقته. تركته وذهبت وأنا قلقة جدًا. ومرت الأيام، وجاءت ليلة الاختبار، كانت كل الأسئلة سهلة جدًا وعرفت أنني سأنجح. وعندما ذهبت لأعرف درجتي، انصدمت، كانت ضعيفة. في نفس الوقت، وصلتني رسالة تقول: "قلت لكِ اتركي كل شيء يأتي في وقته".

كان هذا المتمرد عديم الضمير، عانيت منه كثيراً حتى تم نقله من الجامعة. بعدها تخرجت بدرجة امتياز، وبعد فترة عملت في شركة وتقابلت مع شاب جميل كان مختلفاً عن الجميع. كان شابًا متميزًا في أسلوبه وشكله وكلامه. أحببته من قلبي، وفي هذه المرة أدركت فعلًا ما معنى الحب الحقيقي. تعرفت عليه واكتشفت أنه كان معجباً بي، ولكنه كان ينتظر الوقت المناسب ليتحدث معي، اعترف لي بحبه. وارتبطنا، وكانت أجمل أيام حياتي معه، ولكن انتهى كل شيء في لحظة.  

_لماذا انتهى كل شيء؟

في يوم وجدته يهتم بفتاة أخرى ويراسلها، حزنت كثيرًا وواجهته، لكنه كان يأخذ الأمر بمزاح. غيرتي كانت كالنار، وعدني أنه لن يتحدث معها، فرحت كثيرًا وسامحته، لكن اكتشفت أنه لم يفي  لي بوعده ويحادثها ويهتم بأمرها. قهرني كثيرًا، واجهته وعاتبته، لكنه لا يريد المعاتبة، وقال لي: انتهى كل شيء بيننا، وتركني مع أنه هو من أخطأ واهتم بغيري، وبالأصح خانني. لا أعلم لماذا لا يوجد صدق في هذا الزمن. قل لي يا طبيبي، أين أجد الراحة، وأين أجد السعادة، وأين أجد الإخلاص، وأين أجد الصدق؟ قل لي! كنت أقول تلك الكلمات وعيناي تتساقط منهما الدموع كالشلال. فتحت عيني ونظرت إليه، وجدته يبكي على بكائي. قلت له: لماذا تبكي؟ جفف دموعه وقال: لأنني لم أجد الراحة منذ أن تعينت طبيبًا نفسيًا. بعد مرور عامين، تزوجت من طبيبي النفسي، وأصبحت أنا من أعالجه من الاكتئاب. ههه


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نمر بمراحل صعبة في حياتنا

 ونخوض معارك بين الخذلان وفقد الأمل

 لكن في النهاية يمنحنا الله السعادة التي لم نتوقعها يومًا. 


🖋 دينا مصطفى



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من يكتب لي صدر/بقلم الشاعر /محمود حفظ الله.

عجائب الدنيا /بقلم الكاتبة/دينا مصطفى.

كوكبة الشهداء/بقلم الكاتب /مايك سلمان.