عذاب الحب والضمير/بقلم الكاتبة /دينا مصطفى.
عذاب الحب والضمير
الخطأ الوحيد الذي نرتكبه هو أن نضع قلوبنا بين يدي سفاحين قلوب يختبئُون خلف أقنعة من الحب والإخلاص، ويظهرون على هيئة ملائكة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت ترتدي إسدالًا وتقف على سجادة الصلاة، ورفعت يدها قائلة: "الله أكبر". وعندما سجدت لله، دعت وقالت: "حسبي الله ونعم الوكيل" وبكت بشدة. ثم رفعت رأسها وأكملت الصلاة. بعد الانتهاء، طلبت من ربها أن لا يبعدها عن حبيبها الذي أحبته بجنون، وأن يجمعهما في حلاله. لكن القدر لم يكتب لها تلك السعادة، فحبيبها قرر أن يتركها، لكنها أحبته بجنون ولن تتحمل بعده. حاولت أن تفهم منه، فصاح بغضب وظل يصيح بها، وهي تتألم من داخلها، لكنها لم تبتعد. قالت له: "أريد أن أفهم منك ما الذي حدث وما الذي فعلته".
ضحك بسخرية وقال لها: "ألم تقولي لي أنني أنا الأول والأخير في حياتك؟"
قالت: "نعم، قلت هذا". صاح بها بغضب وقال: "لمَ الكذب أيتها الفتاة، أنا أعرف كل شيء عن ماضيكِ". ردت بهدوء وقالت: "ما الذي عرفته؟" قال بسخرية: "كنت تعرفين أشخاصًا ولم تعترفي لي. كذبتِ عليّ أيتها المخادعة، أنا أكرهك. ومن اليوم سأبتعد عنكِ ولا أريد أن أراكِ مرة أخرى في حياتي"... انهمرت دموعها وألهبت وجنتيها، تمتمت بألم وقالت: "إن ابتعدت عني سأموت بدونك".
عندما أخفيت عنك كل هذا، فهذا يرجع لسبب أنني لا أريد أن أخسرك، فأرجوك لا تتركني ولا تبتعد عني، أنا بدونك لا شيء. لم يسمع لها وابتعد عنها، وهي ظلت تبكي وتدعو ربها أن يريح قلبها من هذا العذاب. مرت الأيام والليالي عليها وهي تتعذب، تحاول أن تحكي معه ولكنه يهينها ويقفل الهاتف. ظلت تحاول معه عن طريق الواتساب، وعن طريق الفيسبوك والانستغرام، في أي مكان كانت تحاول منه، وهو لا يرد عليها بل يوبخها بالكلام الصعب حتى مرضت وأصبحت نائمة في الفراش تنتظر أمر ربها.
في يوم، طلبت من صديقتها أن تتحدث معه وتطلب منه أن يأتي لرؤيتها ... ففعلت كما أمرتها. رد عليها بقسوة وقال: "لا أريد أن أراها حتى إن ماتت". ردت عليه بحزن: "أرجوك، هي في فراش الموت تتمنى أن تراك، أرجوك دعها تراك واذهب، هي تحتاجك". شعر بوجع في صدره، أخذ نفسًا عميقًا وقال: "أين المكان؟" ابتسمت بحزن وقالت: "على مكانهم". بعد مرور وقت من الزمن، دق باب منزلها. نهضت صديقتها وفتحت الباب، وجدته هو، ولكن يظهر على ملامحه الحزن والألم كأنه كان يتعذب مثلها. قالت له: "تفضل، هي في انتظارك، وأنا سأحضر لك فنجانًا من القهوة." دخل واقترب من غرفتها، تنهد بألم ودق الباب، ودلف داخل الغرفة. وجدها شاحبة كأنها ميتة، ولكنها تنتظر أن تراه. اقترب منها بسرعة وقال: "هل أنتِ بخير، حبيبتي؟" ابتسمت بألم وقالت: "الآن أنا بخير، عندما رأيتك أصبحت في أحسن حال. سامحني إن أخطأت بحقك، كل شخص منا له ماضٍ، ولا يحق لأحد أن يعاقب أحدًا عن ماضيه. وعندما أخفيت عنك كل هذا، كان لأنني كنت أحاول أن أحافظ عليك، أرجوك سامحني." كانت هذه كلماتها الأخيرة، شهقت بشدة، واسترخت عضلاتها، وأغمضت عينيها، وصعدت روحها إلى بارئها وماتت.. ماتت من حبها له، ماتت من عذاب بعده عنها، وماتت ولن يفيد البكاء ولن يرجعها. صاح بها وقال: "افتحي عينيك، كفى تمثيلًا، أفيقي!" وظل يصرخ ويضمها في صدره ويقول: "والله أحببتك، لكن غيرتي وكبريائي هما من أبعداني، أرجوكِ أفيقي، لا تتركيني بعذاب الضمير، أرجوكِ." ماتت وتركته بعذاب الضمير، ومرت الأيام والسنون وهو يتألم عندما يذكرها، ولم يقترب من أي امرأة ولم يتزوج. ظل هكذا حتى أصبح كهلاً، لم يجد سندًا، كان وحيدًا على ذكراها. تلك هي النهاية المؤلمة. الحب جميل، ولكن لا يوجد أخطر منه في الدنيا جميع نهاياته حزينة، والنهايات السعيدة نبحث عنها في القصص والروايات فقط. لله الأمر.
🖋دينا مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق