عندما توفي والدها/بقلم الكاتبة/فاطمة فايد.

عندما توفي والدها ..،وهي في الحادية عشر ربيعا من عمرها..
توقف إحساسها بالحياة حينها وأصبحت تتعامل مع الحزن بطريقة أكثر جلدا
حتى أصبحت متبلدة الشعور
حادة الملامح ....
أكتب اليوم عنها بعد مرور أربع سنوات
على رحيل والدها..
كانت فراشة جميلة رقيقة 
جمالها يفوق الوصف بخفة ظلها  وضحكتها البريئة    كانت تملأ البيت بهجة وفرحا برشاقتها وشقاوتها اللذيذة
كانت تميل للتمثيل وتقليد الشخصيات المشهورة وإلقاء الشعر..
فجأة وبعد رحيل والدها تحولت  لكتلة جامدة من المشاعر
لم تسقط منها دمعة واحدة
تتظاهر بالقوة وهي أضعف مايكون 
أتذكر.. عندما كانت تسمع صوت الماكينة التي كان يركبها والدها  تهلل بابا وتركض نحوه وتضع يدها في جيبه وتأخذ من المال  ما يملأ قبضة يدها الصغيرة
يضحك لها وينهال عليها بالقبلات
دائما طلباتها مجابة.. كنت أعاتبه  وأنصحه
بعدم الكثرة في تدليلها
يقول صغيرتي  ولم تنل من حبي مثل بقية إخوتها لعلي أرحل وأتركها..
كانت عندما تذهب لمدرستها وتقف بالإذاعة المدرسية  تلقي أشعارا
فجأة تجده بجوارها يصفق لها بكل قوة ويفتخر بها وبنجاحها وذكائها
 حصلت على المركز الأول  بمجموع مائة في المائة لكن للأسف توفي والدها ولم يشاهد نجاحها ... كنا عادة نذهب لزياته أسبوعيا وعندما نطلب منها أن تأتي معنا لزيارته ليراها فكانت حبيبته وعيونه وقلبه
ترفض وبشدة ويرتفع صوتها وتقول لا
أندهش لقولها ..، وأحدث نفسي   ألهذا
الحد ..!!وسرعان ما أتراجع وأقول ربما نسيت لصغر سنها وأحمد الله على تجاوزها للمحنة..
وفجأة بالأمس اتضح لي أمرها
كنت جالسة مع أولاد أعمامها
وتذكروا يوم وفاة عمهم
وبدأوا بسرد الأحداث
وقالوا لم ننس أبدا مافعلته جنى
عندما أسقطوا والدها في القبر أمام أعينها
لم ننس صرختها التي دوت المقابر بأكملها
وأبكت العيون والأموات والأحياء
صرخت بأعلى صوتها
بااااابااااا
اهتز قلبى لكلامهم وقضيت ليلتي بكاء على حالها....
وأيقنت في الحال أن تغيير ملامحها وتبلد مشاعرها
نتيجة صدمتها الكبيرة ... صدمة فقد
الأب ...،والأمان...، والسند ...،وحبيبها ومدللها
دفن...، ودفنت معه مشاعرها وقلبها وخفتها  ... وها أنا الآن
  أحاول إسعادها بشتى الطرق
أدللها وألبي طلباتها على قدر المستطاع
أحتضنها دائما وكلما نظرت لعيونها لم أجد غير اليتم ..
ماذا أفعل لاسترجاع ضحكتها...
إنها ابنتي وصغيرتي وحبيبتي
بقلمي✍🏻
فاطمة فايد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من يكتب لي صدر/بقلم الشاعر /محمود حفظ الله.

عجائب الدنيا /بقلم الكاتبة/دينا مصطفى.

مستقبل/بقلم الكاتبة /عايدة ناشد باسيلي.