تحت مظلة الخوف/بقلم الكاتبة/رانية الصباغ.

تحت مظلة الخوف

عادَ إلى البيتِ حاملاً الحلوى التي تُحبّها، تَحملُه أجنحةُ الأشواقِ إليها. استقبلَته كما تستقبلُ الأرضُ العطشى قطراتِ المطرِ ، وقد تزيّنَت له تزيُنَ الأشجارِ  للربيع.
قالت بصوتِها الشجيّ: 
_اغسلْ يديك يا حبيبي وتعال فقد أعددتُ لك طبقاً تحبّه. خَمِنْ ما هو؟
_ كلّ ما تُعدّينه لذيذ.
فتح صنبور الماء وتراءى له وجه أبيه الهزيل في المرآة. وقف مشدوهاً هنيهة، ثم تراجع إلى الخلف. خرج من الحمام وأتى إلى المطبخ. سألَته ممازحةً، وهي تضعُ الأطباق على المائدة:
_هل غسلتَ يديك بهذه السرعة؟
أجابها بغضبٍ وقد انتفخَت أوداجه:
_لم أغسلها فقد غسلتها في المكتب قبل حضوري.
_حسناً كما تريد.
_طبعاً كما أريد 
سحب الكرسي بعصبيّة، وأردف قائلاً:
_ما هذا الطعام! من قال لك أنّي أحب المحشي؟
_أنت من قال
_غير صحيح، ثمّ إني أحبه على طريقة أمي.
_تذوقه أولاً، ثمّ اعترض.
_لن أتذوق شيئاً. قالها ونهض عن المائدة وهو يزمجر:
_ما هذا البيت، لا شيء يطاق.
أما هي فقد تهاوت تحت كلماته الجارحة، تكتمُ بكاءً يخنقها،
وتبحثُ عن مبرراتٍ تهدئ من روعها.
وضعَت الطعام في الثلاجة، ثم بدأت بإعادة الأطباق إلى الرفوف. غير أن صوتاً تصاعد في داخلها أوقفها عن متابعة العمل. دخلَت إليه وجذبَته بيد رجلٍ من ياقة قميصه، وقالت:
_لن أكون أمي. أتفهم! 

                                رانية الصباغ/سوريا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من يكتب لي صدر/بقلم الشاعر /محمود حفظ الله.

عجائب الدنيا /بقلم الكاتبة/دينا مصطفى.

مستقبل/بقلم الكاتبة /عايدة ناشد باسيلي.