ظل القيادة/بقلم الكاتب/عبدالفتاح الطياري.

ظل القيادة 
في قرية هادئة تحكمها التقاليد، عاشت "ضحى"، امرأة ذكية، حازمة، وذات طموح لا يُضاهى. منذ صغرها، لم تكن ترضى بدور المتفرج. كانت تنظم لعب الأطفال، وتُخطط للنزهات، وتُقنع غيرها بأفكارها. ومع مرور الوقت، نما هذا الميل الطبيعي للقيادة في قلبها كالنار في الهشيم.
حين كبرت، بدأت في تنظيم شؤون العائلة، ثم الجيران، حتى أصبحت الكلمة تُقال: "استشِر ضحى، فهي تعرف."
لكن لم يكن الجميع معجبًا بذلك. البعض رأى في تصرفها نوعًا من السيطرة، لا القيادة. شعر زوجها بالضيق حين بدأت تُقرر عنه، وبدأ إخوتها يبتعدون شيئًا فشيئًا، بعدما أحسوا أنها لا تترك لهم مساحة للتعبير أو اتخاذ القرار.
ذات مساء، اجتمع بها والدها وقال: "يا ضحى، من يقود الناس دون أن يترك لهم اختيارهم، يقودهم إلى النفور لا النجاح."
صمتت ضحى طويلاً. كلمات والدها كانت كمرآة أظهرت لها ما لم تكن تراه. لم تكن تريد أن تتحكم، بل أن تُلهم. في اليوم التالي، بدأت تُغيّر طريقتها: تستمع أكثر، تُشرك غيرها، وتدفع الناس لا إلى اتباعها، بل إلى الثقة بأنفسهم.
شيئًا فشيئًا، عادت الابتسامات، وعاد الناس إليها  ليس كمَن تُسيطر عليهم، بل كمَن تثق بهم ويثقون بها.
و بعد أشهر ، عادت ضحى إلى عادتها القديمة...
بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مستقبل/بقلم الكاتبة /عايدة ناشد باسيلي.

أفُقُ العواقِب/بقلم الشاعر /نعمه العزاوي.

خذلان/بقلم الشاعرة /ناهد كمال.