الشقة الحلال/بقلم الكاتب/ابراهيم سليمان.
مقدمة
هذه قصة من مجموعة قصصية منفصلة متصلة تحمل عنوان حياة أقدم شعوب الأرض هي من واقع الحياة تناولتها تناولًا طفيف الدرجة لأبلغ رسالة إلى من يهمهم الأمر، كنت قد كتبتها منذ أعوام وبالتحديد في بدايات هذا القرن كنت صغيرًا جدا وقتها وأنشرها الآن كما كتبتها بالرغم من أنها قد تحتاج لبعض أو كثير من التنقيح والمراجعة وتسويغ بعض العبارات الغير سائغة ولكني أنشرها كما هي لأني أحببتها كما هي ولها في قلبي الكثير من الذكريات فهل أنت يا سيدي القارئ ستحبها مثلي، أتمنى ذلك.
١-(الشقة الحلال)
بعد أن استقرت سفينة فضائية على الأرض في مدينة القاهرة عاصمة مصر خرج من بابها شابان هدفهما أن يتما المهمة التي أُسندت لهما وهي دراسة شعب مصر وما آلت إليه حضارته لأنهم يعلمون أنهم أقدم شعوب العالم ،وإن أرادوا السيطرة على كوكب الأرض يجب أن تكون البداية من هناك، وأخرج أحدهما منظارًا ذا عينين الذي يستخدماه في نفس الوقت متجاوزين مسافات بعيدة ومخترقين كل الجدران،وكانت البداية من شرفة في منطقة شعبية.
(١)
فتح ستارة شرفته وتكاسل فاتحًا ذراعيه كأنه يعانق نسمات الهواء الرقيقة الحانية، وشعر كأنه مثل الريشة تحملها هذه النسمات إلى السماء.
نظر إلى السماء نظرة قريبة كأنه بجانبها وأحس أنه يقترب منها أو هي التي تقترب منه حاملة أملًا جديدًا يتدفق صوب أحلامه وطموحاته وتوارت عنه اِنهزاميته وتأثرت كل خلية من خلايا جسده النحيل بهذه النسمات ووصل التأثير إلى صوته
وقال بصوت رقيق: البركة في البكور
ونظر إلى أسفل فوجد الشارع قد دبت به الحياة وكأن أبواب الرزق جميعًا قد فتحت على مصراعيها الكل يجري على رزقه وكل له غايته وإن تجمع الهدف وهو الرزق.
ونظر إلى جدار الشرفة هناك شرخ صغير مستتر تخرج منه أعداد كبيرة من النمل، ولكنها تخرج بانتظام يا لها من مملكة منظمة بعكس مملكة الإنس وحول بصره إلى الشارع فوجد أعضاء المملكة التي ينتمي إليها يسعون.
السعي تلك الكلمة البسيطة في نطقها وعدد حروفها ولكنها تحمل من المعاني ما يجعلها صعبة حقًا، عندما تسمعها أو تنطقها تجد أمامك سواعد تعمل وماكينات تدور وعرقًا يملأ جنبات الكون الفسيح.
وأعاد نظره إلى الشارع أو أقصد السوق فقد كان البيت أمامه سوق كبير وكان يمتاز ككل الأسواق بعشوائيته المتعددة والمتشعبة وجلبته الكثيفة.وسمع هذا الحوار بين تاجر جملة وتاجر السوق.
تاجر الجملة: ثلاثون قفص اليوم الحساب خمسمائة وثمانون جنيه .
وتعجب تاجر السوق(عم برعي) وارتفع حاجباه حتى وصلا إلى مقدمة شعر رأسه وارتسمت على وجهه علامات التعجب وقال بصوت يملؤه الغيظ بعد أن جز على نواجذه: الأسعار ارتفعت ثانية.
ورد عليه تاجر الجملة بصوت عالٍ يحمل ازدراء: كما يقولون عليها مجنونة وهي في هذا الزمان مجنونة بنت مجنونة.
كان الحوار ساخنًا والصوت مرتفعًا ويزداد ارتفاعه مع سخونة الحوار والفصال وصوت عربات النقل والشارع الضيق الذي لايسع إلا لعبور عربة واحدة فقط، ودخل إلى غرفته بعد أن أغلق باب الشرفة فوجد أخاه الأصغر قد استيقظ على صوت الباعة وصوت الفصال والنقاش وقال بعصبية بعد أن فتح عينيه بصعوبة: كل يوم جلبة لا أستطيع التحمل.
وبعد لحظات راح في سبات عميق ونظر إلى إخوته ثلاثة ينامون في حجرتهم الصغيرة وهي نفس حجرته ذاتها واستبدل ملابسه بسرعة ثم دخل إلى حجرة أمه وهي الحجرة الثانية والأخيرة في شقتهم المتواضعة وقبل يديها وفتحت عينيها فرأته أمامها فابتسمت له ابتسامتها الحانية وشعر بأن الأمل بداخله قد وصل إلى عنان السماء ورفعت يديها بعد أن سندت بظهرها على السرير داعية له:
رزقك الله وبارك لك في صحتك وبدنك ورزقك ببنت الحلال
فقال باسم ضاحكًا: أكملى الدعاء يا أمي والشقة الحلال،فرفعت يديها ثانية وهي تنظر له برضا: والشقة الحلال يا باسم
يتبع.............
إبراهيم سليمان
من مجموعة قصصية (حياة أقدم شعوب الأرض)
تعليقات
إرسال تعليق