صدعٌ قديم/بقلم الكاتبة/رانية الصباغ.

 صدعٌ قديم


أطفأتُ الشمعة الخامسة والثلاثين، وانطفأ معها ضوءٌ صغير فوق كعكة باردة. كان البيت صامتًا إلا من أنفاسي. لا موسيقى، لا ضحكات، لا أصوات أقدام. فقط مقاعد في أماكنها المعتادة، ووحدة تتقاسم معي المساء.

اتصلتُ بأختي لتشاركني العشاء، فاعتذرت: "غدًا أول أيام امتحانات الأولاد."

أغلقتُ الهاتف، وأصغيت إلى نفسي وهي تهمس: ربما تسرّعتِ في الطلاق. لو كان لدي طفل، للّون حياتي الباهتة.

 هل أجرؤ على زواجٍ ثالث؟ وهل سيكون مختلفًا عن الأول والثاني؟


أتذكر تعليق صديقتي صباح اليوم، حين ساعدتها في اختيار نظارة شمسية:

"لا تساعديني، فأنتِ دائمًا تختارين الأسوأ. المرة القادمة سأزوّجك على ذوقي، ولن أستشيرك." ضحكتُ معها، لكن الضحكة ارتدّت داخلي جرحًا صغيرًا.

أنا لستُ قبيحةً. هل ترون أنّي قبيحة؟ لكنّي لستُ بارعة الجمال كأختي.

أتذكرُ كيف كانت أمي تمشطُ شعرها الأشقر الجميل. تقبّلها وتقول بصوتٍ خفيضٍ: أنت تشبهينني أنا، أما سمية فتشبه أباها.

شعرتُ حينها بأن شيئاً تشظى  كالزجاج داخلي . حتى كأني سمعتُ صوت انكساره بين ضلوعي .

كنت كمعظم أقراني في المدرسة لكن مشكلتي أن أمي جميلة جداً وأن أختى أجمل.وكنت أنا خارج السباق.

لا لم تصبني الغيرة مطلقاً فقد كنت أحبهما، غير أني كنت حزينة على أمي فقد كانت تحب أن ترزق بابنتين رائعتين في الجمال مثلها.

مشكلتي الحقيقة في طيبتي المفرطة، فقد لمست في فترة الخطوبة من زوجي الأول حدة طبعه و خشونة معشره لكنني قررت أن أكمل المشوار معه على أمل أن يغير إحساني له ورفقي به سوء خلقه. واكتشفت بعد خمس سنواتٍ استحالة العيش معه كما تبيّن أنه كان عقيماً.

وتزوجت بعد عامين من وائل وكان مختلفاً تماماً عنه بدماثته وتودده أثناء الخطوبة غير أن ما أثار مخاوفي كثرة اقتراضه المال مني دون وفاء. ثم إن هذا الوجه تبدّل كلياً بعد الزواج ليكشف عن زيفه واتكاليته وجشعه وتسلطه على أموالي. 

أنا سأبدأ من جديد لابد لي أن أبدأ من جديد، فأنا أستحق الخير وأحب أختي وأمي و صديقتي و كل زملائي إنني لا أكره أحداً. لا أكره إلا مرآتي.

                                رانية الصباغ/سوريا



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مستقبل/بقلم الكاتبة /عايدة ناشد باسيلي.

أفُقُ العواقِب/بقلم الشاعر /نعمه العزاوي.

خذلان/بقلم الشاعرة /ناهد كمال.