في عمق الحياة بعد النجاة/بقلم الكاتبة/هناء الشبراوي.
في عمق الحياة بعد النجاة..
الصلادة النفسية
من منّا ليس له ذكريات؟
جميلة كانت أو سيئة، فهي جزء منّا.
نحن نعيش في دنيا لا سعادة فيها تدوم، ولا حزن فيها يخلُد.
كل شيء مؤقّت... حتى أعمارنا، لها أجل.
لا يدوم إلا وجه الله، وعملك الصالح.
وفي هذه الدار الفانية، نسعى دومًا لاقتناص لحظات الفرح والسعادة في كل مراحل حياتنا،
لكنها دنيا... لا تصفو لأحد.
الجميع يمرّ بلحظات حزن، وغم، وألم،
لكن بدرجات متفاوتة.
منّا من يتعافى، ويتناسى الغمّ والهمّ، ويشق طريقه في الحياة بقوة وعزم متكيفا مع ظروفه وذكرياته القاسية ليصنع النجاح والتألق من العدم هؤلاء يتسمون غالبا بالصلادة النفسية.
ومنّا من لا يستطيع لا هذا، ولا ذاك.
السبب واضح وجليّ:
الذين يتعرضون للألم والحزن بشكل متواصل، في مختلف مراحل حياتهم،
لا يستطيعون التخلص من هذا التراكم الثقيل.
فالأذى مستمر، والخزان العاطفي امتلأ،
ولم يعُد القلب قادراً على الصفح كما كان في البدايات.
في كل فترة، يستدعي الشخص تلك المواقف واللحظات المؤلمة من ذاكرته،
فتنهال عليه الذكريات تباعًا...
ويجد نفسه عالقًا في دوّامة من الحزن والهمّ،
فتنعكس سلبًا على سلامته النفسية، والجسدية، والشخصية.
حتى ملامح وجهه تتغير...
نعم، الحزن يغيّر.
هؤلاء على الأغلب يعانون من هشاشة نفسية مزمنة
ولنا في قصة يوسف -عليه السلام- عبرة،
حين فقد أبوه بصره من شدة الحزن، فقال تعالى:
"وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ".
فالحزن، وتراكم الهموم والمشاكل،
يترك أثره على الملامح:
تتشقّق الشفاه،
تتغيّر العيون،
وتتصحّر البشرة.
لكن... ما المخرج؟
لا مخرج من كل ذلك إلا بـالقرب من الله،
والإكثار من الدعاء،
وتذكّر أن هذه الدنيا فانية،
وأن الله يبتلي عباده ليرفع رصيدهم في الآخرة.
وأن الله عادل،
يقتصّ من الظالم في الدنيا والآخرة.
فنم قرير العين،
سليم القلب،
راضياً بما قسمه الله لك،
موقنًا أن ما وهبك الله خيرٌ مما فاتك فيرتاح قلبك وتهدأ جوارحك
وأنتم هل وصلتم لمرحلة الصلادة النفسية ؟
بقلم: أ. هناء الشبراوي – فلسطين
تعليقات
إرسال تعليق