منفى الوحدة /بقلم الكاتب /عمران المحاميد.

منفى الوحدة /عمران المحاميد
لا شيء في هذا الوجود يضاهي مرارة الفقد،
إلا غيابكِ أنتِ، الذي استوطن مرآة روحي،
فأصبحتُ أرى فيهِ سرابًا لوجهكِ،
وذكرىً باهتةً لعينيكِ.
أعد النجوم في سماء ليلي، نجمةً نجمة،
كما أعد أنفاسي الأخيرة في منفى الوحدة،
كأنني أحصي ما تبقى من فردوسي الذي غاب،
وما تبعثر من أحلامي الضائعة.
أرتشف قهوتي المرة، جرعةً بعد جرعة،
وأعيد ترتيب خيباتي في فنجانها،
فأرى طيفكِ يلوح في البخار المتصاعد،
ويسألني: هل كان هذا الفراق قدرًا محتومًا؟
أم كان اختيارًا قاسيًا، أخطأنا فيه؟
في كل زاوية من هذا المقهى الحزين،
أبحث عن وجهكِ بين الوجوه العابرة،
فلا أجد إلا غرباء يشاطرونني وحدتي،
وصمتًا ثقيلاً يخنق أنفاسي.
لا صوت لي إلا صدى يرتد من بئرٍ قديمة،
يحكي عن زمنٍ كان فيه القلب حرًا،
والروح طليقةً، تحلق في سماء الحب،
قبل أن تسقط في هاوية الفراق.
ماذا أقول للريح إن مرت على أطلال بيتي المهجور؟
هل أخبرها أن الذاكرة خيط رفيع، لا ينقطع أبدًا؟
وأن الحنين شجرة زيتون، شامخة الجذور،
تزهر في صحراء النسيان، رغم قسوة الظروف؟
أنتظر، لا أعرف ماذا أنتظر،
ربما معجزةً تعيد المطر إلى أرضي العطشى،
أو أغنيةً توقظ الفجر في ليلي الطويل،
فلا شيء يكتمل إلا بالنقصان الذي يسكننا،
ولا شيء يبقى إلا أثر الخطى على درب الغياب،
وشوقٌ لا يزول.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحمك الله أبي/بقلم الشاعر/جمال الغوتي.

أنا ورحلة البحث/بقلم الكاتبة/هانم عطية الصيرفي.

أفكار غير متراصة/بقلم الشاعر/عبدالله علي ناصر البخيتي.