جنون الحب/بقلم الكاتبة/دينا مصطفى.

"جنون الحب" 
عندما تفقد شعور الغيرة على من تحب، فاعلم أن الحب قد تضاءل في قلبك. وعندما تشعر أنك ستدمر العالم من نار الغيرة التي تشتعل داخل قلبك، فاعلم أن.. لن أقول اِزداد حبك ، بل سأخترع كلمة أقوى من الحب .  

كنت جالسة في غرفتي أستمع إلى الموسيقى الهادئة وأقرأ ديواناً من الشعر. أحب القراءة كثيراً. القراءة تسعدني وتأخذني إلى عالم آخر لا أريد العودة منه. استمعت لطرق على باب غرفتي. سمحت بالدخول..كانت والدتي أتت لتخبرني أن هناك شاباً سيأتي مع عائلته في المساء ليطلب يدي. كان قلبي ينبض بعنف وبدأت أتخيل كيف يبدو شكله. لقد رسمته في مخيلتي في أجمل صورة. نادتني أمي: هل تسمعينني؟ قلت لها: نعم سأستعد في المساء، لا تقلقي. خرجت والدتي وتركتني. لا أعرف لماذا كنت في حيرة وخوف.. مر اليوم بسرعة كبيرة لأنني أريده أن يمر ببطء. كل شيء نريده لابد وأن يأتي عكسه. دخلت أمي وطلبت مني الخروج لأتعرف على الشاب وعائلته. انصعت لها وعندما دخلت ألقيت التحية، ولكن إلى هنا. وكأن أحدهم  صفعني بقوة، إنه هو بنفس هيئته، مديري السابق في عملي القديم. كان بيننا قصة حب كبيرة، ولكن انهدمت وكأنها لم تكن، 
سلمت عليهم وجلست بجانب والدي. تحدثوا في بعض الأمور، لكنني كنت شاردة ضائعة في الماضي، في حبي ووفائي، وفي خيانته عندما ابتسم لها من بعيد، أمام عيني. نعم ابتسامته لغيري خيانة، 
استيقظت من شرودي على صوت والدي يقول: "ما رأيك يا جميلتي؟" لم أجد النطق، لا أعرف بماذا أقول. وضعت رأسي للأسفل أفكر. سمعت أبي يقول: "على بركة الله، ألف ألف مبارك!" وعلت الزغاريد،لم أنطق بكلمة واحدة من صدمتي، كان ينظر إلي ويشعر أنني لا أريده. وطلب من والدي الإذن بالجلوس معي وحدي. سمح له والدي، وعندما ذهب الجميع، بقينا أنا وهو. كان قلبي ينبض بعنف لم تره عيناي منذ عام. فابتسم لي بمحبة وقال: «لستِ موافقة على خطبتنا». نظرت إليه بحزن وأجبته: هل هناك فتاة عاقلة توافق على خائن مثلك؟ ضحك بصوت عالٍ وقال: أنا لم أخنكِ أبدًا. هل أصبحت ابتسامتي خيانة؟
قلت له: ابتسامتك لها تدل على أن بينكما شيئاً.. فابتسم وقال: كانت تعمل معنا من قبل، فابتسمت لها احتراماً لا أكثر، رق له قلبي ولكني حافظت على كبريائي وقلت ببرود: وهل ابتسامتك لغيري أمر عادي؟ رد بابتسامة عريضة وقال: أعتذر لكِ يا نبضة قلبي، لن تتكرر ثانية أعدك. ابتسمت بحب، فنظر في عيني وأطال النظر فيهما، وقال: اشتقت للنظر داخل عينيكِ البنيتين. لقد كان الفراق أصعب ما مر عليَّ. لا تعيديها ثانية. ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي وقلت: لا تقلق، ولكن أوفِ بوعدك.. عادت المياه إلى مجراها، وعاد حبنا وأحلامنا، وتمت خطبتنا. كانت أجمل الأيام.. مرت سنة كاملة وتزوجنا. كنت أعيش أسعد الأيام معه. لم أترك القراءة أبداً، كنت أقرأ كثيرًا وهو في عمله لأُسلي وقتي ولأن القراءة هوايتي المفضلة. في يوم، رجع من عمله غاضبًا جدًا، فسألته ماذا حدث، لم يجب عليّ، ومسك إناء الورود الزجاجي ورماه على الأرض فتفتت إلى قطع صغيرة. صاح بي وقال: "أظن أنني أراجع حساباتي وأتزوج امرأة أخرى." غضبت جدًا من كلماته وقال لي: "اتصلت بكِ مئة مرة ولم تجيبي عليّ." فقلت له: "لم أسمع أبداً، كان في وضع الصامت." ظل يصيح بصوت عالٍ، تذكرت وقتها أبيات من قصيدة أحببتها وقلت له:
                          "اِغضب كما تشاء..
                       واجرح أحاسيسي كما تشاء
                        حطم أواني الزهر والمرايا
                         هدد بحب امرأةٍ سوايا..
                           فكل ما تفعله سواء..
                            كل ما تقوله سواء..
                          فأنت كالأطفال يا حبيبي
                    نحبهم.. مهما لنا أساؤوا" ♡ نزار قباني ♡

ثم تركته وذهبت إلى غرفتي وأنا قلبي مشتعل من الغيرة. هل من الممكن أن يتزوج غيري؟ دخل خلفي وأمسك بيدي وقبلها وقال: "أعتذر لكِ، كنت قلقًا عليكِ، خفت كثيرًا ومن غضبي قلت كلمات لم أعِها ، أعتذر.
لم أعرف لمَ حن قلبي له. أعرف أنه كان قلقًا من أجلي، ولكن يهددني بامرأة غيري، فهذا هو الوجع الحقيقي. 
مرّ على زواجنا خمسة أعوام ورزقنا الله بطفلة جميلة كانت مثلي في الشكل والطبع، وتغار على والدها عندما يحمل ابنة عمها. فهي مثل أمها، عندما تحب تغار حد الموت. في يوم، ذهبت لأقضي يوماً مع عائلتي، قلت له: ستأتي معي؟ قال لي: عندي الكثير من الأعمال، اذهبي أنتِ وسآتي معكِ في المرة القادمة. لا أعرف لماذا شعرت بالقلق. ذهبت وقضيت يوماً جميلاً. طلبت مني أمي أن أبيت  اليوم معهم ولا أذهب، فوافقت واتصلت به لأخبره، فوافق على مبيتي.
لم يقترب مني سلطان النوم أبداً. ظللت مستيقظة أفكر ماذا يفعل. هل هو نائم أم يستمع إلى التلفاز أم يقلب في الهاتف أم...؟ وبدأ القلق يحتل قلبي، وأتذكر كلماته: "أظن أنني أراجع حساباتي وأتزوج امرأة أخرى." 
مر اليوم وأتى الصباح. تركت طفلتي مع أمي وتحركت إلى بيتي. كان قلبي يقرع بشدة، شعرت وكأنه سيخرج مني. وصلت أمام البيت وطرقت الباب عدة مرات، لم يُجب. طال في فتح الباب، وبعد دقائق، فتح الباب ونظر إلي وقال: "ما الذي أتى بكِ في هذا الوقت؟" قلت له: "هل هناك مواعيد لأعود بها إلى بيتي؟" والغريب أنه كان ينظر إلى الداخل. تحركت لأدخل، ولكن منعني وقال: "رفاقي في الداخل، عودي، سآتي لأخذكِ في المساء." اتسعت عيناي بصدمة وتذكرت بعض الأبيات في قصيدة راقت لي:

"لا تدخلي  
وسددتَ في وجهي الطريق بمرفقيكَ … وزعمتَ لي …  
أن الرفاقَ أتوا إليك … أهُمُ الرفاق أتوا إليك  
أم أن سيدةً لديك … تحتلُ بعدي ساعديك؟"  
♡ نزار قباني ♡

جمعت قواي وأبعدته من طريقي ودخلت، واتسعت عيناي من هول ما أرى. كان بالفعل رفاقه والمنزل مقلوبًا رأسًا على عقب. تحركت خارج المنزل وخرج خلفي وقال: "ارتحتِ أم لا؟" قلت له: "نعم، ارتحتُ كثيرًا. ومع العلم، أنت ورفاقك ستعيدون ترتيب المنزل. أنت رجل متزوج، لست شابًا طائشًا." الوادع يا عزيزي، أمسكني من مرفقي وقال: "أحبك يا مجنونة." ابتسمت وقلت له: "بل هذا جنون الحب يا عزيزي."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
لا تبتسم لغيري وابتسم لي
فحبي يشعل الغيرة في قلبي
فاتقِ جنوني يا حبيبي
فجنون الحب
لا مصحة له ولا طبيب
🖋دينا مصطفى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحمك الله أبي/بقلم الشاعر/جمال الغوتي.

أنا ورحلة البحث/بقلم الكاتبة/هانم عطية الصيرفي.

أفكار غير متراصة/بقلم الشاعر/عبدالله علي ناصر البخيتي.