🌹راقية🌹 الجزء2/بقلم الكاتبة المتألقة/إلهام محمد.
🌹راقية🌹 الجزء2
"السقوط....؟ الغيبوبة.... ؟ هكذا صرخت راقية سائلة من أنتم بحق الله؟ أنا لا أعرفكم اتركوني . " ورمت الغطاء واستعدت للنهوض لكنها تسمرت فرجليها لا تقويا على حملها .... ،اغرورقت عيناها بالدموع وبدأت تتوسل إليهم أن يتركوها فهي لا تعرفهم ... نادى الطبيب على الممرضة وطلب منها حقنها لتهدئ من روعها وتستسلم أخيرا إلى النوم.. ...وصوت الشاب يلاحقها بعيدا سائلا:
"ماذا أفعل سيدي الطبيب فزوجتي لا تعرفني ولا تعرف عائلتها فما العمل؟"
"لا عليك ستستعيد ذاكرتها لا محالة مع الأيام فصبر جميل"
نظر الرجل إلى رفقائه وابتسامة خافتة تطفو على ثغره "سننتظر،سننتظر.... ونأخذها بعدها إلى المنزل «
بعد ساعات صدى أصوات يوقظها من نعاسها وتفتح عينيها الناعستين متأملة الغرفة والأشخاص الواقفين أمام النافذة من جديد ...وهم يتهامسون فيما بينهم ، انسلت من السرير بعد محاولات عدة للنهوض لوهن جسمها بالكامل واتجهت صوبهم عساها تجد الجواب لتساؤلاتها "من أنتم؟؟ وماذا أفعل أنا هنا ؟" عند سماع صوتها وفي آن واحد التفتوا إليها وأطبقوا أفواههم عن الكلام ونظروا إليها في صمت ساد لدقائق قليلة كسره بعدها الشاب الصغير قائلا:
"نادية ألم تعرفيني أنا زوجك خالد وهذان هما أمك وأبوك" نظرت إليهم من جديد ومعالم الدهشة بادية على وجهها "نادية.....؟زوجي...؟ والداي...؟ كيف ذلك ؟ وهي تسأل نفسها في صمت مر في مخيلتها شريط حياتها وابتسمت وصرخت بأعلى صوتها "لا....لا... لقد عادت ذاكرتي .... الحمدلله ... " أتقول أني نادية ؟ويحك لقد تذكرت من أنا.... انا راقية ولا أعرفكم ؟"..... من أنتم؟.... أين أبي وأمي...؟ واستهلت بالبكاء كطفلة صغيرة أخذت منها لعبتها ،بعدها اتجهت صوب الباب محاولة الهروب لكن يد الرجل الشاب أوقفتها لترمي بها على السرير "كفى من الهستيريا وعودي إلى سريرك فأنتِ زوجتي ولازلت مريضة فاقدة لذاكرتك ؟ وصرخ أيتها الممرضة أيتها المرضة "
"ماذا هناك يا سيدي" ؟
« لا أعرف ماذا أصاب زوجتي الآن إنها في هيستيريا وتدعي أنها امرأة أخرى يا أسفي .... ما بكِ يا حبيبتي "؟!
« لا عليك سيدي كما قال لكَ قبلا الطبيب هي في حالة مرضية" جراء سقوطها وغيبوبتها القصيرة فاصبر على ذلك واطمئن فإني الآن سأحقنها بمهدئ لترتاح وستستعيد وعيها وهي مرتاحة البال "
حل صباح الغد واستفاقت راقية في هدوء تام مصممة على معرفة ما جرى وتقصي أخبار هؤلاء الغرباء،انسلت من سريرها واتجهت إلى نافذة الغرفة الصغيرة وهي شاردة في أفكارها وعيناها تتأمل حديقة المشفى وحركة الناس خارجا ،وهي على تلك الحالة إذ بصوت الرجل الشاب قريب جدا منها يخاطبها ويفزعها "أنتِ مستيقظة الحمدلله لقد أمر الطبيب بخروجك للبيت للنقاهة. نظرت إليه باحتقار وضحكت باستهتار وهي تجيبه "أي بيت تتحدث عنه أنا لست زوجتك التي تدعي ولا أعرف من أنت أصلا ولست فاقدة ذاكرتي"
حط يديه على كتفها وبصوت كله هدوء يرد عليها "لا عليكِ حبيبتي كلها بضعة أيام وتعود لكِ ذاكرتك فلا تجزعي وكوني مطمئنة البال الآن هيا بنا حتى لا يدركنا الظلام فالطريق إلى البيت طويل جدا" .
حاولت مجادلته دون جدوى، أحكم قبضته عليها وجرها خارجا ،انصاعت له وفي قرارة نفسها تتحين الفرصة للهروب لكن كل محاولاتها باءت بالفشل فقبضته محكمة كأنها من حديد.
تبعته راقية بصمت وهي تذرف دموع الحزن في مقلتيها وتركب وإياه سيارته التي أرغمها بعنف على ركوبها مستغلا فراغ المكان من المارة، وفي طريقها تبين لها تغير معالم مدينتها حينها أدركت أنها في مدينة أخرى و استوعبت أنها في مأزق كبير وأن الذي بجوارها هو خاطفها ،أثناءها حاولت فتح باب السيارة وهي تصرخ "اتركني أيها السارق .... لست زوجتك والله سأبلغ عنك الشرطة .... اتركني " ولكن بدون جدوى فهي محكمة الإقفال وخاطفها غير مبال يستمع إلى أغانٍ شعبية في راديو السيارة ،استمرت في الصراخ لتتسمر بعدها جراء تلقيها صفعة مدوية وزمجرة مخاطبها أرغمتها على الصمت رغما عنها.
طال الطريق والسيارة لم تتوقف، عبرت قنطرة وأرضًا فلاحية من كل الجهات تطل عليها جبال شامخة كأنها تحذرها من مصير مجهول ومما زاد من ارتباكها وخوفها توقفهم عند منزل كبير تحيط به أشجار الصفصاف السامقة و كأنها طفلة صغيرة تمتمت بصوت خفي "لمن هذا المنزل ومن صاحبه؟"
ترجل من السيارة واتجه صوبها وشدها خارجا وهو يرد عليها بصوت بارد هادئ " إنه بيتنا عزيزتي وهذا كله لنا" جحظت عيناها وهي تسمعه يردد قوله "إنه لنا ...إنه لنا...."
"كيف ذلك ؟ ولا أظن أني المرأة التي تبحث عنها ربما التبس عليك الأمر سيدي فدعني وشأني وعد بي إلى مدينتي وأهلي ...صمتت لبرهة واسترسلت في كلامها والله لست من تبحث عنها فقط دعني وأعدك أني لن أبلغ عنك الشرطة .... وبسرعة أكملت حديثها وهي تلتفت يمينا وشمالا أنا مجرد فتاة
عادية ولا أقطن بهذا المنزل رجاء سيدي..... رجاء ...."
يتبع
إلهام محمد
تعليقات
إرسال تعليق