مملكة الشاة الأخيرة/بقلم الكاتب/عبد الفتاح الطياري
مملكة الشاة الأخيرة
في بلدية غريبةٍ لا تُشبه شيئًا في العالم، كانت الحيوانات تعيش تحت حكم مجلسٍ اسمه:
"مجلس العناية بالمستقبل بعد فوات الأوان".
كان المجلس مشهورًا بشيء واحد: أنه لا يتدخل إلا حين يصبح التدخل بلا فائدة. فإذا سقطت الشجرة، جاءوا يرشّون جذعها بالدواء. وإذا مات الحصان، اقترحوا عليه تمارين لزيادة اللياقة.
وفي أحد الأيام، جاءت شكوى من الشاة "زعيمة"، التي كانت دائمًا تُصاب بالمصائب قبل الجميع... سقط عليها سقف الحظيرة، فاعتذروا. ضاعت في الغابة، فبعثوا لها خريطة بعد أسبوعين. مرضت، فأرسلوا لها باقة ورد مكتوب عليها:
"نتمنى لك الشفاء من موتك القادم".
لكن الصاعقة كانت يوم أعلنت البلدية أن الشاة "زعيمة"… تم ذبحها خطأً في المولد البلدي. فاجتمع المجلس فورًا في جلسة طارئة، لأن الحدث "خطير جدًا ويتطلب إجراءات عاجلة".
وقف رئيس المجلس وقال:
ـ يجب أن نتحرك سريعًا… قبل أن يفلت منا الوقت!
فسأله أحد الأعضاء:
ـ وماذا سنفعل؟
فأجاب بثقة:
ـ سنسلخ الشاة!
ارتفع صوت من آخر القاعة:
ـ لكنها ذُبحت يا سيدي!
فابتسم الرئيس بابتسامة ملؤها الحكمة الزائفة:
ـ وماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها؟ المهم أن نقوم بواجبنا.
فنفذوا الخطة بكل جدية، وكتبوا تقريرًا طويلًا عن "نجاعة التدخل" و"سرعة الاستجابة" و"الجودة العالية لأدوات السلخ المستخدمة"، ووضعوا على القبر لوحة تقول:
هنا ترقد الشاة التي نالت أفضل اهتمام بعد فوات الأوان.
ومنذ ذلك اليوم، كلما حصل خطأ جسيم في الدائرة البلدية، قال سكانها ساخرين:
ـ لا تقلقوا… سيصلحون الأمر بعد أن لا يبقى شيء لنصلحه.
بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس
تعليقات
إرسال تعليق