فلسفتي الخاصة بالإيمان بالله تعالى/بقلم الكاتبة/أم إبراهيم.
فلسفتي الخاصة بالإيمان بالله تعالى
بقلمي ام ابراهيم🇮🇶
"الدين هو الاعتراف بكل واجباتنا على أنها أوامر إلهية." أي أنّ الأخلاق لا معنى لها إلا إذا كانت مرتبطة بالله.
هذا ما قاله الفيلسوف العقلي إيمانويل كانط عن الدين ونوع الإيمان بالله الذي كان بمحدود فلسفته، فقد وصف أن الدين يتعلق بحجم الأخلاق ليس من الناحية الروحية فقط، بل من الناحية العقلانية.
وها أنا الآن أفرض معتقدي عبر رأيي الخاص وأردّ على كانط، ومن هذه المساحة الافتراضية الصغيرة، ولكي أكون صريحة وغير مبالغة في وصفي لرأيي وفي كلامي، أنا لست مطّلعة على الذي ذكره كانط كاملًا في كتابه، لكن ما استوقفني وحرك إحساسي الإيماني الخاص هو موضوع قد ذكره أحد المنبريين في إحدى محاضراته، ذكر ذلك في حديثه على سبيل المثال، لكن ما هزّني وأيقظ فضولي هو: كيف لفيلسوف عقلاني نقدي لم تمرّ على قلبه نفحة روحانية تجعله يشعر بأن الإيمان ليس من خلال العقل والتفكير فقط؟ لأننا بذلك سوف نقوم بفرض الدين على أنفسنا على أساس ما تبرمجه عقولنا فقط، بلا شعور، وذلك بُعدٌ تام عن الإيمان أو عن هامش ديني يطرأ في العقل.
نعم، نحن حين نفكر وننظر من حولنا نجد عظمة الله في كل مكان، والتفكير الأعمق هو كيف خُلقنا وعلى أي هيئة نحن، وذلك أقوى ما يثبت لنا عظمة الخالق، وهنا يفرض علينا العقل أن نؤمن به، لكن…
سوف أتحدث عن بعض تجاربي التي مررت بها والتي تركزت في عمق مخيلتي وقلبي ولن أنساها حتى مماتي، أو حتى في قبري حين أكون بين ملكَي الحساب لن أنسى فضائل الله خالقي معي.
منذ كنت طفلة وعيتُ على أن أهلي وكل من حولي مسلمين، يقومون بأداء واجبات الدين كافة، تعلمتُ ذلك منهم، ومن خلال تربية والديَّ لي ونصحهم وإرشاداتهم. وكل ذلك كان في طفولتي المبكرة ليس غريزيًا، لأن الطفل يُوعى بالفطرة لا بالغريزة. الطفل الصغير الذي يدور عقله لالتقاط ما يدور حوله لكي يقلده، وبذلك تصحو شيئًا فشيئًا غريزته النائمة.
تمسكتُ بكل أمور الدين: الصلاة، والصيام، وارتداء الحجاب، وكثير من الأمور التي يجب عليّ تجنبها أو قد فُرضت عليّ قبل أن أتعلمها وأعرف السبب الذي أستند عليه لكي آخذها بعين العقل وأتقبلها.
وحين كبرتُ، نهضت لديّ غريزة التساؤلات: من هو الله؟ وكنت أسأل نفسي: من هو وراء كل تلك العظمة التي نحن فيها والتي من حولنا؟
وحين كبرت أكثر وزاد إحساسي، توالت عليّ الاختبارات التي كنت أحسبها عقوبات، لقلة وعيي وعدم نضج تفكيري بالشكل الذي يجب أن أكون فيه مؤمنة ذات إيمان خالص بالله.
كبرت وازداد وعيي، لأن الاختبارات القاسية وصعوبة الحياة تزيد من وعي الإنسان، وانحصاره بين الحزن والحيرة، فلا يجد خلاصًا غير اللجوء إلى خالقه، وذلك أيضًا غريزي ونابع من عمق الروح التي هي من صنع وعظمة الله.
حين انهالت عليّ الاختبارات القاسية المتوالية، وجدت نفسي في ظلمة، بسبب الظلم الذي كنت أعتقده ظلمًا من الناس ومن الحياة، وفي الحقيقة هو لم يكن ظلمًا، لكنها تنبيهات إلهية وضربات كالتي يتلقاها المتمرن فيصبح بها أقوى وأصلب، كانت تلك دروسًا ووعظًا أنزله الله لكي يزداد بها وعينا.
وبعد أن شعرت أنني غارقة في عمقٍ مظلم لا أعرف كيف الخلاص منه، هنا وجدت المنقذ. كنت أشعر دائمًا أن هناك يدًا كانت تأخذ بيدي لتجرّني من هلاكٍ محتم، ألا وهي معجزات الله تبارك وتعالى.
معجزات كثيرة شعرت بها، ومنها كانت الأقوى التي أعجز عن التعبير عنها لعظمتها وجمال حدوثها، حين جاءت في أصعب الظروف لي وأقساها ألمًا.
أقف هنا وأقول: إن معجزات الله ورحمته الواسعة هي التي تفرض علينا أن نؤمن به وبشدّة، وأن يكون ذلك الإيمان رحلة درب مستقيمة إلى الموت.
نعم، أنا أؤيد كانط في أن الإيمان عقلاني، لأننا نفكر ونسأل ونعرف وتجيبنا الطبيعة وأنفسنا، لكن لا يجب أن نتوقف عند حدود العقلانية فقط. فالعقل يكون في دهشة عظمى حين يحدث أمر إلهي، كالذي حدث لي وغيّر إرادتي من ضعيفة إلى أقوى، وفي لحظة إدراك مفاجئة.
نعم، أنا أعني ما أقوله وصادقة، فأنا أتكلم عن نفسي ومن خلال ما مررت به من تجارب مع الحياة ونفسي التي كانت مرة وصعبة.
في لمح البصر أيقظ الله في قلبي شعورًا بالإيمان كان الأقوى. الله يكلمنا عبر الشعور به، فهو أقرب من حبل الوريد.
أخبرني ربي في لحظة يأس تامة بأن أقوى بإيماني واتكالي عليه، فهو خالقي وهو المتكفل بي. لأنني في شدتي كنت يائسة، لكنني لم أترك الدعاء ولا انقطعت دموعي توسّلًا به أن يكون عونًا لي في محنتي.
فإن أصلي وأهلي منذ كنت صغيرة أخبروني، من خلال تعاملهم معي، أن عبادة الله واجب. وحين كبرت علمت وتيقنت بأن عبادة الله واللجوء إليه في كل صغيرة وكبيرة واجب، لأن الإيمان يأتي من حب الله حين يرينا لطائفه وقت الشدائد.
فالدين والإيمان بالله حقيقة كبرى وعظمى لا كلام بعدها. لن نأخذ ذلك من تفكيرنا فقط، فالعقل مجرد وسيلة نسأل به ونتحرى لكي نقع على حقيقة وجود الله وعظمته. أما الإيمان الروحي فهو نابع من الروح التي أوجدها الله، كالينبوع الذي تنفجر مياهه منه وإليه.
تعليقات
إرسال تعليق