الخطوةُ الأخيرة/ بقلم الشاعر/سيد حميد عطاالله الجزائري .

الخطوةُ الأخيرة 
بقلم : سيد حميد عطاالله الجزائري 

لم تكوني إلا نسمةً مرّت بخفّةٍ على صَدري، فصَفَقَت قلبي صفقةً واحدةً كافية؛ ليُزهِر منه بُرعمٌ خجول، بُرعمٌ لا يزال يبحث عن شمسٍ صغيرةٍ تتعلّم من ملامحك شكل الضوء.
  كنتُ أخفي ثمار حبّك تحت أكمام غرامي، أتدثّر بلحاء عشقي المتورّم بالعطش، كأنّ العشق شجرةٌ تشقّ صمت الأرض كي تقول: ها أنا حيّ لأجلها.
  أين عصا حبّك التي يخشاها سحرة القلوب؟ أين هي تلك الضربة التي يتصدّع عندها كلّ فرعونٍ غراميّ بجبروته؟ اضربي بها يا سيّدتي على قلبٍ أنهكته المنافي، فما عاد ينبض إلا كجنديٍّ ينتظر النداء الأخير.
   اضربي، لعلّ الحياة تعود إلى عروقي التالفة كما يعود المطر إلى جدولٍ نسي الطريق لكنه لم ينسَ الزبدَ الذي كان يعانق الصخور على جانبيه.
  وها أنا—بعيدًا عن كل الجهات—أعود متيمّمًا غروب الشمس، ألملم رماد الساعات، وأحاول رسم مشهدٍ يشبه آخر نظرةٍ رمقتِني بها.
  تلك النظرة التي وقفت على حافة روحي مثل غيمةٍ لا تستطيع أن تمطر ولا أن ترحل، غيمةٍ تظلّ معلّقة ؛ لأنّ شيئًا في الأعماق يتشبّث بها كأنه آخر معجزة.
  تلك النقطة غير الواضحة في جانب لوحتي ليست خطأً فنّيًا… إنّها أثر رحيلك. 
   الخطوة الأخيرة للشمس حين انغمست في الأفق الأدنى كانت تشبهك: خطوةٌ لا يسمعها أحد، لكن العالم كله يختلّ لحظة وقوعها.       ورغم أنّ الليل يمدّ عباءته فوق كتفيّ، إلا أنني ما زلت أتابع تلك النقطة كأنّها نافذةٌ صغيرة تركتِها متناثرةً من أجلي، نافذةٌ أستطيع أن أطلّ منها على ظلالك الباقية.
  فلا تظنّي أنني أنهيت الحكاية… إنّني فقط أتمرّن على معنى الغياب. وفي كل مرة أكتب فيها عنك، ينشقّ داخلي طريقٌ جديد، طريقٌ يشبه جذع شجرةٍ شقّه البرق لكنه ما زال واقفًا، لأنّ الحبّ—كما تعلمين—لا يحتاج سوى شرارةٍ واحدة،ولحظة واحدة، ونسمةٍ واحدة… كنسمةِ حضورك الأولى التي ما زالت تصفّق قلبي إلى الآن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحمك الله أبي/بقلم الشاعر/جمال الغوتي.

أنا ورحلة البحث/بقلم الكاتبة/هانم عطية الصيرفي.

أفكار غير متراصة/بقلم الشاعر/عبدالله علي ناصر البخيتي.