على تخوم الطيف/بقلم الشاعر/أبو أيوب الزياني.

على تخوم الطيف

إليكِ أكتبُ
حين تضيقُ اللغةُ
وتفيضُ بي المسافات
وحين يصبح الصمتُ
أثقلَ من قلبي
يا امرأةً
أثملُ عند عتبةِ عينيها
كأن النظرةَ كأسٌ
لا قاعَ له
وكأن الضوء
يتعلّم السكر
من ملامحكِ
خصركِ
ليس انحناءةَ جسدٍ فقط
بل فكرةٌ
تراوغُ توازني
وسؤالٌ
يفسدُ يقين العقل
ويعيدني إلى ارتباكي الأول
أجدكِ
بين أبجديّة أفكاري
تزاحمين ضجيجها
بصمتٍ آسر
وتخطّين بأهدابكِ
حدودَ المنطق
فتُعلّقين الجنون
وسامًا على صدري
رغم بُعدكِ
ورغم السنين
التي مرّت كأحذيةٍ ثقيلة
فوق القلب
ما زال طيفكِ
يجيء دافئًا
يفترشُ سهولَ الروح
ويلتحفُ بثناياها
كأنه يعرف الطريق
أكثرَ مني
صغيرتي…
لستِ صغيرةً
إلا لأنكِ
تسكنين أعمق نقطةٍ
في صدري
حيث تتضاءل الأشياء
وتتعاظم المشاعر
حتى تصير صلاة
أدمنتكِ
لا طلبًا للهلاك
بل لأن النجاة
لم تُتقن اسمًا سواكِ
أشرب عشقكِ
حتى الارتواء المستحيل
ولا سبيل للنسيان
فالنسيان
محاولةٌ فاشلة
لاستئصال الذاكرة
ولا ترياق
ينزع طيفكِ
من سلاسل أفكاري
كلما ظننتُ
أنني تحرّرت
وجدتُكِ
قيدًا من نور
أُراوغُ الوقتَ
حين يسألني عنكِ
أقول:
هي فكرةٌ
تتخفّى في هيئةِ غياب
وذكرى
تتقن فنَّ العودة
دون استئذان
أمشي
وفي داخلي طريقٌ
يفضي إليكِ
كلما حاولتُ تغييره
عاد أكثر وضوحًا
كأن القدر
يتدرّب على اسمي
حين ينطق اسمكِ
علّمتِ قلبي
أن الانتظار
ليس فراغًا
بل امتلاءٌ مؤجَّل
وأن الشوق
ليس ضعفًا
بل قدرةٌ فائقة
على الاحتمال
أخبّئكِ
في التفاصيل الصغيرة:
في قهوة الصباح
في ارتباك المساء
في أغنيةٍ
تعرف وجعي
ولا تفضحه
وحين يثقل الليل
أستعير من طيفكِ
قليلًا من نجاة
وأهمس لنفسي:
ما دام القلب
ينبض باسمها
فما زال للحكاية
متّسعٌ آخر
إليكِ أكتبُ…
لا لأصل
بل لأبقى
على قيد الحنين.

_زيان معيلبي (أبو أيوب الزياني) الجزائر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رحمك الله أبي/بقلم الشاعر/جمال الغوتي.

أنا ورحلة البحث/بقلم الكاتبة/هانم عطية الصيرفي.

أفكار غير متراصة/بقلم الشاعر/عبدالله علي ناصر البخيتي.