عجائب الدنيا /بقلم الكاتبة/دينا مصطفى.

 سأحكي لكم قصة حقيقية آلمت روحي وأثرت في نفسي.

سمعت الكثير والكثير عن عجائب الدنيا، ولكن هناك أمورًا عند سماعها تجعلنا نصل لأقصى حد من الجنان، ونسأل أنفسنا،لِمَ، ولماذا؟ وكيف؟ كل شيء يهون إلا طعنة الغدر كم هي مؤلمة حقًا

وأنا لا أتحدث عن غدر حبيب أو صديق، ولكن أتحدث عن غدر من شخص لن يتوقعه أحد.

اِلتقيت ذات يوم مع سيدة في آخر عقدها الثالث أعرفها معرفة سطحية، سلمت عليها  ولكن كان يبدو على ملامحها الحزن والهم ربت على كتفها وقلت

"هل أنتِ بخير؟" 

فأجابت بحزن: نعم، أنا بخير.

كانت تنظر لامرأة أخرى بخيبة أمل ونظراتها توحي بالعتاب، ظلت تنظر لها حتى اختفت من أمام عينيها، تمتمت بهدوء:

"لا أعتقد أنكِ بخير، هل هناك أمر ما؟ أنا لا أتدخل في شؤونك ولكنني أريد مساعدتك."

ارتسم شبح ابتسامة على ثغرها وتمتمت بحزن:

"أنا أثق بكِ وأعرفكِ جيدًا، ولكن لا فائدة من الحديث." وتلألأت الدموع داخل مقلتيها وانزلقت واحدة تلو الأخرى، ربت على كتفها وتمتمت بحزن:

"أعلم أن الكلام لا يفيد أحيانًا، ولكن الفضفضة تريح القلب وتخفف ثقل الهموم."

فأجابت بحزن: إنها قصة طويلة، ولكن مؤلمة، كلما تذكرتها  أشعر بأن روحي تنقسم إلى نصفين.

ضغطت على يدها وتمتمت بمحبة: تكلمي أنا مستعدة لسماعك.

فنظرت أمامها إلى نقطة ما في الفراغ وتمتمت بصوت مشحوب، سألخص لكِ كل شيء. لقد تدمرت عائلتي في الماضي. كنت فتاة صغيرة لا تعرف سوى والديها، كنا كأي عائلة تعيش في سلام وجاء اليوم وانقلبت الموازين رأسًا على عقب، كل يوم أسمع صياح والدي وشجارهما لم أفهم أي شيء إلا صوتهما العالي الذي يخيفني حتى جاء اليوم المشؤوم دخلت أمي غرفتها وأنا تابعتها وجدتها تفتح خزانتها وتأخذ كل ثيابها وتضعها في حقيبة كبيرة وبعد الانتهاء أمسكت بيدي وسحبتني خلفها وذهبنا إلى بيت جدتي عند وصلونا قالت أمي لابن خالي أن يأخذني ألعب معه لكي لا أسمع ما يدور بينهما وكل هذا لم أفهم منه شيئًا مرت الأيام والأشهر ولم أر والدي فسألت أمي أين أبي؟ قالت: لا تسأليني عنه مرة أخرى فقلت لها: لماذا؟ هذا أبي، صاحت بصوتٍ عالٍ ... قلت كلمة واحدة لا تسألي عنه مرة أخرى ولا تذكري اسمه ثانية، ونهضت من أمامي، مرت الأيام وكبرت وبدأت أفهم مايدور حولي وفي يوم نادت لي أمي فذهبت إليها ...أشارت لي بالجلوس بجانبها فانصعت لها أمسكت بيدي وتمتمت بهدوء

أنا ووالدكِ انفصلنا والسبب خالتك.

نظرتُ إليها بتعجب وقلت: "كيف هذا؟ ما دخل خالتي بانفصالكم؟"

نظرت أمامها بحزن وقالت: "لا يجوز البوح بشيء عن ماضي أختي ولكن سأحاول أن أقرب لكِ الكلام لكي تفهمي."

نظرتُ إليها بذهول وفضول وقلت: "أنا أسمعك."

تنهدت بثقل وتمتمت بحزن: "في يوم اتصلت بي خالتك وهي تبكي بشدة وتقول أن جدك طردها من البيت لأنها ارتكبت خطأً كبيرًا ولا تعرف أين تذهب. قلت لها أن تأتي لبيتي هي أختي ولا أتحمل أن يصيبها مكروه من سيحتويها غيري ومن سيواسيها غيري. مهما فعلت فلابد أن أكون بجانبها فهي أختي ومن دمي أدخلتها بيتي وكنت أواسيها وأهون عليها.

ولكن كل هذا انقلب ضدي. هي وأبوكِ أحبا بعضهما وعندما علمت لم أتكلم معها ولم أجرحها بكلمة واحدة وعاتبت والدك ولكن كان الرد قاسيًا جدًا. قال لي إن لم يعجبك الحال فاذهبي فأنا وهي سنظل معًا ولن نترك بعضنا أبدًا." نزلت تلك الكلمات على مسامعي كالصاعقة. لا أصدق ما سمعته. زوجي وأختي، واللوم ليس عليه. اللوم على من تدعى أختي. من احتويتها وجلبتها إلى بيتي. من تخلى عنها الجميع ولم أتخل عنها. والآن تزوجت هي ووالدكِ.

كنت أستمع إلى أمي وأنا لا أصدق كيف لأخت أن تخون أختها، كنت مُذهولة لن أستوعب شيئًا، أو بالأصح لا أستطيع أن أصدق كل ما ينزل على مسامعي. نظرتُ إليها وقلت: "خالتك هي من كانت تقف هنا منذ قليل؟" أجابت: "نعم، للأسف هي." بعد كل هذا، تزوجت أمي برجل آخر وبقيت أنا مع جدتي، لم أجد حنان والدي كأي فتاة، حتى كبرت وجاء لخطبتي شاب وافقت عليه، لأن جدتي كانت عجوزًا وتخاف أن تحتضر وتتركني، فأقنعتني لأتزوجه. ومرت الأيام وتزوجت من هذا الشاب، وبعد فترة أنجبت منه طفلين كانا كل ما لدي ويهونان علي مشقة الحياة. وظهر زوجي على حقيقته، كان يسبب الكثير من المشاكل وكان زائرًا للسجون. ذات يوم نفد الطعام من البيت ونفد المال وزوجي في السجن. قررت أن أنزل أبحث عن عمل، والحمد لله رزقني الله بعمل لأطعم أطفالي. وها أنا كما تريني ، هذه هي قصتي.

عندما انتهت من سرد قصتها لم أشعر سوى بدموعي التي ألهبت وجنتي ربت على كتفها بحنان وقلت لها لا تخافي فالدنيا دوارة وكما تدين تدان وحق والدتك سيعود وحق حرمانك من والديكِ وتشتت عائلتك سيعود قريبًا ونهضت وتركتها ولكن القصة لم تتركني فقررت أن أكتبها لتكون عبرة لمن يقرأها، كم هي مؤلمة ماذا جرى في هذه الدنيا؟ 

 امرأة احتوت أختها وأدخلتها بيتها بعد أن ابتعد عنها الجميع ووالديها أيضًا، وهي لم تتركها.  وظلت تواسيها وحاولت أن تجعلها تبتسم وتكون سعيدة، وبعد كل هذا طعنتها بسكين الغدر واستولت على زوجها ودمرت عائلتها وأخذت منها السعادة بكل سهولة. ولم تكتفِ بهذا، فدمرت طفلة صغيرة كبرت بدون سند، والقدر لم يكن في صفها. وما زالت تعاني بعد زواجها. لله الأمر من قبل ومن بعد. "فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟"


🖋دينا مصطفى



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من يكتب لي صدر/بقلم الشاعر /محمود حفظ الله.

كوكبة الشهداء/بقلم الكاتب /مايك سلمان.