فنجان جدتي/بقلم الكاتبة/هانم عطية الصيرفي.
قصة قصيرة
فنجان جدتي
اليوم ، شاكسني نعاس ، أعافر طغيانه ، بإعداد مشروب القهوة، فله مفعول أكيد في إفاقة، دعوت فنجان جدتي العتيق لهذه المهمة،فهو فنجان ذو تاريخ محفوظ في لوح الذاكرة
صببت فيه القهوة وأحضرت كأس مياه بارد، كأس رشيق ذو زجاج شفاف رائق، وضعت فنجاني وكأس الماء على صينية كلاسيكية من الخشب البندقي اللون، وأضفت بضعة تمر هدية أخي حين آتى لزيارتنا بعد رحلته إلى سيوة الساحرة
لقد اكتملت أركان جلستي دون قصد إنما الصدفة الجميلة جمعتني بذكريات الماضي، في أجواء رومانتيكية على كرسي الأسواني يتربع في بلكون بيتي وفي جو رومانتيكي ذي إطلالة تحمل عطر الماضي
تفقدت الأشياء والزمان كفيلسوف متعمق في الحياة، نظرت إلى الفنجان القديم ، لقد ولاه فكري إهتماما ، فهو صاحب عمر مديد بداية من جهاز جدتي ، أتذكر أنه واحد من اثني عشر فنجانا ، هشم الجميع في حياة جدتي وتبقى هذا الفنجان العتيق،احتفظت أمي به وكانت تعد فيه القهوة لوالدي
ثم أصبح تذكارًا بعد وفاة والدي ، احتفظت به لنفسي ، وضعته في دولاب مقتنياتي الحديثة ، كنت أشعر أنه ذو وقار وقيمة وسط مقتنيات دولابي ، بدا لي أنه يخاطب مقتنياتي الحديثة عن زمنه الجميل ، وأنه صيني أصلي مازالت ألوانه الوردية زاهية رغم مرور العقود ، ويتباهى بمكانته لدى الناس الطيبين من عائلتي، وكم أسعدهم احتساء القهوة منه
ضحكت لهذا الشقي ،ونظرته بعين الفيلسوف قائلا، أين أصدقاؤك
الآن تبسم بأسي، قال إنهم في ذاكرتك التي أخرجتني اليوم من دولاب مقتنياتك لكي تسقي روحك المتعطشة، تبسمت، بعدما قد اكتشفت إنه هو الفيلسوف الصامت والشاهد على عقود جميلة
مضت
حضنت أنامل يدي الفنجان بحنو وغسلته من بقايا البن الراقد في القاع ، وحملته مع مقتنياتي الغالية ، تزدان حسنا بحضوره
تعليقات
إرسال تعليق