حَامدِيات/بقلم الكاتب/رابح بلحمدي.

 حَامدِيات ......... 26 


القصيدة ؛ماذا أريد؟


شعر: رابح بلحمدي – البليدة، الجزائر

من ديواني وتستمر الثورة 


أُريدُ صمتًا في المدى لا يُنتَظرْ

            وسكونَ ليلٍ لا يُشوِّههُ الحذرْ

أُريدُ وجها إن أطلَّ عليَّ يومًا

    يُنسيني المآسي، والخرابَ، وما اندثرْ

أُريدُ صوتًا حينَ يأتيني يُعيدُ

            لمسامعي نبضَ القصائدِ والوترْ


أُريدُ ظلًّا حينَ تخذلُني الدروبُ

                  ألوذُ فيه كأنّه وحيُ السّفرْ

أُريدُ أمًّا في الزمانِ تُنادِيني

       وتقولُ: عُدْ... فالبيتُ أدفأُ من قُبرْ

أُريدُ حُلما لا تُمزّقُهُ السُيولُ

ولا يُشتّتُهُ العَجَزْ، ولا سطوةُ القدرْ


أُريدُ طفلًا في فؤادي لا ينامُ

       يُضيءُ دربي كلّما أزفَ الخطرْ

أُريدُ نَفسي كي أُصافحها إذا

   خاصمتُها... أو خانني فيها النظرْ

أُريدُ دفئًا لا يُكابده الشتاءُ

           ولا يُبدّدهُ التردُّدُ والسُّعَرْ


أُريدُ وقتًا لا يفرُّ إذا جلستُ

        أُحدّثُ القلبَ الشقيَّ بما استترْ

أُريدُ مَن يفهمُ السِكّينَ في لغتي

          ويقرأُ الدمعَ الحزينَ إذا انفجرْ

أُريدُ كوبَ قهوةٍ في آخر الليلِ

وصمتَ مَن يصغي... ولا يسألْ: "لماذا الكدر؟"


أُريدُ عُزلةَ عاشقٍ لا يشتكي

          لكنَّهُ بالحُبِّ قد شُجَّ واندحرْ

أُريدُ نايًا في الغروبِ، إذا بكى

     أنصتُّ فيه لصرخةِ الزمنِ الغَجَرْ

أُريدُ قبرًا لا يُجاورُه الطغاةُ

         ولا تَدوسُ عليه أقدامُ الحجرْ


أُريدُ وطنًا لا يُباعُ على الرصيفِ

          ولا يُقيَّدُ في المحافلِ والشررْ

أُريدُ حلمًا لا يُدوّنه الغريبُ

             ولا يُقرَّرُ أن يعيشَ بلا أثرْ

أُريدُ فجرًا لا يُؤجَّلُ موعدُهُ

        ولا يُدارى خلفَ بارقةِ الظفرْ


أُريدُ معنى لا يُحدّده الجهولُ

         ولا يُساقُ كما تُساقُ به البقرْ

أُريدُ نهرًا في العروقِ، إذا جرى

تركَ الحياةَ على الضلوعِ كما الشجرْ

أُريدُ لحظاتٍ نقيةً مثل الضياءِ

       إذا أتى لا يرتدي قَسمًا ولا وزرْ


أُريدُ وجدانًا نقيًّا مثل طفلٍ

         ما باعَ حلمًا، أو تعوَّدَ أن يُجَرْ

أُريدُ أن أبقى كما كنّا صغارًا

   نلهو، ونرسمُ في الترابِ بلا خطرْ

أُريدُ وقتًا لا يُلاحقني به

   سيفُ الحسابِ، ولا قيودُ من أمرْ

أُريدُ أن أُؤمنَ بأنّي لستُ وهمًا

      وأنّني شيءٌ، وليسَ مجرَّدَ ذِكرْ


أُريدُ أنّي حينَ أكتبُ ما أُريدُ

   أبقى، وإنْ مُتُّ اختفى قلمي... وذُكرْ

أُريدُ شيئًا ليس يُكتَبُ بالحروفِ

           لكنْ يُحسُّ، إذا دنا، أو قد حضرْ

أُريدُ أن يبقى السؤالُ كما هوَ:

       ماذا تُريدُ؟... وليس يَعرفُهُ البَشرْ


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عجائب الدنيا /بقلم الكاتبة/دينا مصطفى.

مستقبل/بقلم الكاتبة /عايدة ناشد باسيلي.

بين مخالب اليأس/بقلم الشاعرة /حورية كداي قويدري.