براءة مدانة/بقلم الكاتب/ماهر اللطيف.

براءة مدانة بقلم :ماهر اللطيف كنت قافلة راجلة إلى منزلي ذات ظهر بعد أن أتممت شغلي، وكان الطقس حارا نسبيا - بما أننا في فصل الربيع حينها -، وقد خلت الشوارع و الطرقات الجانبية تقريبا من المارة، ما عدا هذه السيارات التي تهرول بسرعة فائقة وهي تجوب الطريق السريع الذي يفصلني عن وجهتي. وبينما كنت أستعد لعبور هذا الطريق، إذ رأيت مصادفة طفلا صغيرا - لا أظنه يتجاوز الرابعة أو الخامسة من عمره -، حافي القدمين، مهترئ الملابس وممزقها، متسخ الوجه والبدن، شعره غير مرتب تغزوه الأتربة، دامع العينين، صائحا، هائجا ومائجا والدماء تسيل من قدميه وهو يقول"أمي، أمي، أمي،" يجري بسرعة دون أن يلتفت يمنة أو يسرة وهو يستعد لشق الطريق غير عابئ بهذه السيارات التي تطوي الأرض طيا بسرعة جنونية. فخفق قلبي، أحسست بالعرق، الخوف، الصدمة، تسمرت في مكاني لحظة، ثم انطلقت مثل السهم في اتجاه الطفل وقد توكلت على الله وبسملت، أغمضت عيني، أطلقت الشهادتين باستمرار، وعزمت على المضي قدما نحو هدفي الأسمى وهو إنقاذ هذا "الملاك الطاهر". فخطفته من ذراعيه ما إن لحقت به، حملته عاليا، جريت به نحو ممر المترجلين المقابل، ل...